السحردراسات وبحوث وتحليل المنتدى

السحر تعريفه – أدلته من الكتاب والسنة . الشيخ عبدالله محمد الطيار .

تعريف السحر:في اللغة: يطلق السحر في اللغة على عدة معان منها:الخداع، والصرع، والاستمالة، والتمويه، وكل مالطف ودق وخفي سببه فهو سحر.أما في الاصطلاح:فقد تعددت أقوال العلماء في تعريفه اصطلاحاً وكل التعريفات ترجع إلى معنىً واحد وخلاصة هذه التعريفات وأوضحها معنىً هو أن يقال:هو عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه الساحر أو يعمل به شيئاً يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له عليه وله حقيقة فمنه مايقتل ومنه ما يمرض ومنه ما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ومنه مايفرق بين المرء وزوجه ومنه مايبغض المرأة إلى زوجها أو العكس أو يحبب بين اثنين كل هذه الأشياء واقعة بين الساحر والشيطان الموكل بعمل ذلك وذلك لايتم إلابحصول منفعة بينهما فيقوم الساحر بفعل المحرمات والشركيات والكفريات في مقابل مساعدة الشيطان له وطاعته فيما يطلب منه.
وقد يسأل سائل فيقول هل من الممكن ذكر بعض الشركيات أو الكفريات التي يقوم بها الساحر لكي يساعده الشيطان على سحره؟ نقول: نعم نذكر شيئاً من ذلك لنبين للقارىء الكريم خطورة السحرة وبيان كفرهم بالله رب العالمين، فمن هذه الأشياء:أولاً: يجب أن يعلم أن الساحر لكي يساعده الشيطان لابد له من الكفر بالله إما أن يأتي بذلك بالقول كأن يقول كفرت بالله وأنا مشرك وغير ذلك من الألفاظ الكفرية والشركية أو يأتي بأعمال صريحة في ردته في كفره منها:١ـ أنه يرتدي المصحف في قدميه ويدخل به الخلاء.٢ـ ومنهم من يكتب القرآن الكريم بالقذارة أو بدم الحيض.٣ـ ومنهم من يكتب آيات القرآن على أسفل قدميه.٤ـ ومنهم من يكتب الفاتحة معكوسة.٥ـ ومنهم من يؤدي الصلاة بلاوضوء.٦ـ ومنهم من يذبح للشيطان فلايذكر اسم الله على المذبوح ويرمي به في مكان يحدده له شيطانه.٧ـ ومنهم من يسجد للكواكب ويخاطبها.
8-ـ ومنهم من يأتي أمه أو ابنته نعوذ بالله من ذلك كله.وبالجملة كل ما كان الساحر أشد كفراً بالله كان الشيطان أكثر طاعة له وذلك بتنفيذ أمره وبسرعة في ذلك.ثانياً: أدلة وقوع السحر:لما ضل من ضل من المعتزلة وغيرهم في إنكار حقيقة السحر كان ولابد من إثبات أدلة وقوع السحر حقيقة لاتخيلا كما زعمه أولئك.فقد ذهب أهل السنة إلى أن السحر ثابت وله حقيقة وسنذكرأدلة ذلك من الكتاب والسنة.١ـ من أدلة الكتاب:قوله تعالى: {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ {١٠٢} (البقرة) .قوله تعالى: {فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ {١١٦} (الأعراف) .وقوله تعالى: {فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ {٨١} (يونس) .وقوله تعالى في بيان ماقاله سحرة فرعون: {إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ2- وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى {٧٣} (طه) .والآيات التي جاءت في ثبوت السحر كثيرة.
2-ـ أدلة السنة في ثبوت ذلك ومن هذه الأدلة:حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (سُحِرَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهْوَ عِنْدِى دَعَا اللَّهَ وَدَعَاهُ ثُمَّ قَالَ: ” أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ “. قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: “جَاءَنِى رَجُلاَنِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ ثُمَّ قَالَ: أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ الْيَهُودِىُّ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ. قَالَ: فِي مَاذَا قَالَ فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ قَالَ: فِى بِئْرِ ذِى أَرْوَانَ” قَالَ: فَذَهَبَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- فِى أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى الْبِئْرِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نَخْلٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ: ” وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ “. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأَخْرَجْتَهُ قَالَ: ” لاَ أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِى اللَّهُ وَشَفَانِى وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا “. وَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ”١.ومنها أيضاً حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يارسول الله وماهي؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات”. ١عن ابن عباس رضي اله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد مازاد “ ٢فهذه الأدلة وغيرها تدل على وقوعه وأن السحر له حقيقة وهي أدلة تدل أيضاً على تحريمه فقد حكم أنه يكفر من قام بعمله وجعله النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات التي أمرنا باجتنابها.وخلاصة القول في حكمه أنه حرام بنص الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم من الصحابة وغيرهم.ثالثاً: وإذا كان السحر حراماً وأنه من الكفر فما حكم من قام به في شريعتنا؟ وهل تقبل توبته في إسقاط الحد عنه؟.لاشك أن شريعتنا الإسلامية كلها مبناها على الرحمة بالعباد وذلك بحفظ نفوسهم وأرواحهم وأجسادهم ولذا شددت على من يرتكب هذه الفعلة الشنيعة وأمرت بقتله.فقد اتفق الأئمة الأربعة على قتل الساحر حفاظاً على أفراد الأمة ومجتمعاتها.فالحاصل أن الساحر حده في شريعتنا القتل ولكن هل يستتاب أم لاعلى خلاف بين أهل العلم ولأحمد رحمه الله روايتان، المشهور في مذهبه أنه يقتل من غير استتابة وبهذا قال مالك لأن الصحابة لم يستتيبوا السحرة الذين حكموا بقتلهم.والخلاف بين الأئمة رحمهم الله هو في إسقاط الحد عند التوبة أي هل إذا تاب من سحره يُقتل أم لايُقتل؟ والصحيح ماذكرناه أنه يُقتل حتى وإن تاب وذلك لشناعة فعله وتحذيراً لغيره من ارتكاب هذه الفعلة فما شرعت إقامة الحدود إلا للحفاظ على الحياة البشرية ولذا قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}ففي قتله حياة للبشرية وتخلص من شره وتنبيه لغيره.أما توبته فيما بينه وبين ربه سبحانه وتعالى فمن ذا الذي يحول بينه وبينها فإن كانت توبته صادقة، واستوفت شروطها فلاشك إن شاء الله بقبولها.مسألة في ساحر أهل الكتاب:اختلف أهل العلم في ساحر أهل الكتاب هل يقتل بسحره أم لا؟.فذهب أبو حنيفة إلى القول بقتله وذلك للآتي:أولاً: لعموم الأخبار التي جاءت بقتل الساحر.ثانياً: لأن السحر جناية أوجبت قتل المسلم فأوجبت قتل الذمي كالقتل.وذهب مالك رحمه الله إلى القول بأنه لايقتل إلا أن يقتل بسحره فيقتل.وقال أيضا: أنه إذا أدخل بسحره ضرراً على مسلم لم يعاهد عليه نقض العهد بذلك فيحل قتله.وذهب الشافعي رحمه الله إلى ماقاله مالك أولاً بأنه لايقتل إلا أن يقتل بسحره فيقتل.والصحيح أنه يقتل بسحره إذا تسبب في قتل أحد أو ضرره لأن تعاطيه السحر نقض للعهد فيقتل به.
https://shamela.ws/book/11357/4
 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى