[تسلط السحرة في هذا الزمان الأسباب والعلاج] الشيخ عبدالله محمد الطيار .
[تسلط السحرة في هذا الزمان الأسباب والعلاج]
…تاسعاً: تسلط السحرة في هذا الزمان:
إذا نظر المرء إلى أحوال الناس والمجتمعات في هذه الفترة التي تمر بها أمتنا وغيرها من أمم الكفر يجد أنه لايمر بمدينة أو قرية إلا وجد فيها عدداً من السحرة والمشعوذين،
فلقد جلست مع بعض الإخوان من بعض البلدان الإسلامية فحكى لي ماأكاد لا أصدقه عن حال السحرة عندهم لدرجة أنهم يصفون من لم يعمل بهذا العمل يعني (السحر)
متزمتاً بل الأدهى من ذلك أنهم وللأسف تجدهم إما مؤذنين أو أئمة مساجد والسحر عندهم كشرب الماء وأكل الطعام، هذا في بعض البلدان الإسلامية
فما بالك في دول الكفر كيف يكون السحرة فيهم.
إن تسلط السحرة في هذا الزمان يرجع إلى أمور عدة نجملها فيما يأتي:
١. كثرة الجهل وقلة العلم. ونعني بالجهل هنا جهل العبودية برب العالمين وكذا الجهل بأحكامه المنزلة فجهل العبودية برب العالمين المراد به
جهل الناس بخالقهم وذلك يتم بجهلهم في ربو بيته وألوهيته وأسمائه وصفاته. فأكثر الناس يجهلون الخالق سبحانه وتعالى من كونه جل وعلا خالقهم
وراز قهم ومدبر شئون حياتهم بل هو سبحانه بيده كل شئ.قال تعالى في بيان ذلك:
{وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ} [١٠٧] (يونس)
وقال عز وجل في بيان صفته وأن أمور الدنيا كلها بيده: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {١٣}
قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ {١٤} . (الأنعام)
إلى أن قال سبحانه: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ {١٧} . (الأنعام)
فأين الناس من عبودية الرب بما ذكرناه وغيرها من الآيات.إن جهل السواد الأعظم من البشرية بهؤلاء الكهان والعرافين الذين يسعون إلى إفساد عقائدهم
وصرفهم عن التوحيد الخالص لله رب العالمين وذلك بجهلهم، بأن يتعلقوا بهم بدلاً من تعلقهم بالله تعالى أدى إلى تسلط هؤلاء السحرة في هذا الزمان
الذي كثر فيه الجهل وقل فيه العلم.إن الكهان والعرافين يدركون تماماً أن جهل الناس بأمور العبودية هو أعظم سلاح يستخدم في الضحك على عقولهم
والاستخفاف بهم وإيهامهم أن الأمور بيدهم فمن أراد السعادة على زعمهم ذهب إليهم ومن أحس بالشقاوة والتعاسة ذهب إليهم وهكذا.إن هؤلاء الدجالين
والكهان والمشعوذين وغيرهم من السحرة لايفعلون ذلك من أجل ابتزاز أموال الناس فحسب بل من أجل أن يعيثوا أيضا في الأرض فساداً ويتكبروا فيه
ا بغير الحق.والتدليس بالحيل طريقة قديمة معروفة يضل بها شياطين الإنس عباد الله عن الحق الذي بين أيديهم.١وخلاصة القول في ذلك أن جهل الناس
بالمعبود جل وعلا وجهلهم يما يستحقه من صفات الكمال والجمال والإجلال وصرفهم عبادتهم لغيره جعل هؤلاء السحرة يتسلطون عليهم.
أما النوع الثاني من الجهل هو جهل الحكم بهؤلاء السحرة وجهل الحكم بالإتيان إليهم، فأكثر الناس لايعلمون أن نصوص الشريعة جاءت بكفر السحرة
بل لايدركون أيضا أن من جاء إليهم مصدقاً لما يقولونه أنه أيضا كافر مثلهم وقد بينا فيما سبق حكم الساحر وحكم من أتى إليه.
فالسحرة لم ينتشروا في هذا الزمان إلا عندما رأوا جهلاً عميقاً من الناس وبعد الناس عن دين الله عز وجل وتركهم للكتاب والسنة ـ إلا من رحم الله ـ
ولجوئهم لغير الله بعدما ماتت قلوبهم وأصبحوا أشد حرصاً على الدنيا وكراهية الموت.ومن الأمور التي أدت أيضا إلى تسلط السحرة.
١. غياب شرع الله وتحكيمه في غير هذه البلاد حفظها الله ورعاها.إذا نظرت إلى أحوال أمة الإسلام وماتمر به من فتن متلاحقة وتسلط أمم الشر
عليها بما فيهم من الكهان والمشعوذين وأمعنت النظر في ذلك وجدت أن أهم عامل أدى إلى انتشار السحر وتسلطه على أفراد هذه الأمة ومجتمعاتها
هو غياب تطبيق الشريعة في بلاد الإسلام وتنحيها واستبدال قوانين الكفر والإلحاد مكانها.فلما غابت أحكام الشريعة وأمن السحرة على نفوسهم وأرواحهم
إذليس هناك تطبيق حد ولاقصاص بل ليس هناك ردة ولاكفر يحكم عليهم وبالتالي غاب حكمهم بين أفراد المجتمعات الإسلامية ومن هنا تسلط هؤلاء الأعداء عليهم.
ولما كانت هناك عمالة تفد إلى بلادنا فلاشك أنه لابد من إتيان هؤلاء المشعوذين من السحرة والمنجمين بطرق خفية يلبسون بها لباس التقوى والورع
فإذا ماحصل لهم الوصول إلى هذه البلاد تعاملوا بهذا السحر فيذهب إليهم ضعاف النفوس من أبناء الوطن وغيرهم من الوافدين يسألونهم النفع والضر
وغيرها من الأمور مع اشتراط المداراة عليهم من قبل القادمين إليهم، ولكن ولله الحمد ماأن يلبس هذا السحر في بلادنا إلا ويعرف لدى السلطات فيقدم إلى عدالة تشريع رب العالمين ويقام عليهم الحكم في ذلك.
عاشراً: مالواجب علينا تجاه تسلط السحرة في هذا الزمان؟.
هذا سؤال مهم جداً لايخرج إلا من إنسان يعظم شعائر دينه محب لها محب لأفراد أمته ومجتمعاتها وللإجابة على هذا السؤال نقول:
إن الواجب علينا مع تسلط السحرة في هذا الزمان الآتي:
أولاً: الواجب على الأفراد:١ـ يجب علينا أولاً أن نقيم التوحيد الخالص لله رب العالمين بأنواعه الثلاثة الربوبية والألوهية والأسماء والصفات وذلك لايتم إلا بدراستها
وتعلمها والتعبد لله تعالى بها إذلاغاية من معرفتها إلا للتعبد، كما ذكرنا ذلك عند ذكر أسباب تسلط السحرة ومنها قلة العلم وكثرة الجهل.
٢ـ الاعتصام بالكتاب والسنة وتحكيمهما بين الأفراد والمجتمعات والأمم فإن الاعتصام بهما هو طريق النجاة كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم:
” تركت فيكم ماإن اعتصمتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي “. ١فإنه من اعتصم بهما لايعرف الضلال لعقله طريقا.
٣ـ اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والاستعانة به ليفرج كربنا وهمنا وغمنا ولايتحقق ذلك إلا عند صدق اللجوء إليه ومراقبته وتقواه
التي من خلالها ترق قلوبنا وتصفوا أرواحنا وتزكوا نفوسنا.
٤ـ أما واجبنا نحو هؤلاء السحرة: أن نفضح أمرهم ونكشف حيلهم ونحقر من شأنهم ونجتنبهم اجتناباً تاماً من قبل المجتمع كله صغيره وكبيره
ونسد عليهم كل باب شر يفتحونه على الناس ليرتد كيدهم إلى نحورهم وشرهم إلى نفوسهم وألا نذهب إليهم ولانستشيرهم في أي شيء صغير أو كبير
متذكرين حديث النبي صلى الله عليه وسلم:” من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة “
١.هذا من جانب عوام الناس.
ثانياً: أما من جانب العلماء والفقهاء وأهل الحسبة:فالواجب عليهم أن يحذروا الناس من الذهاب إليهم ويبينوا لهم
أن الذهاب إليهم قد يؤول بصاحبه إلى الكفر كما قال صلى الله عليه وسلم:” من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم “.
فطريق الكهان والسحرة هو طريق الشيطان المؤدي إلى جهنم وهذا لايكفي في التحذير بل عليهم أن يوضحوا للناس أن أعظم الطرق لجلب النفع ودفع الضر
تكون في الاعتصام بالله وبكتابه وسنة رسوله فمن ابتلي منهم بسحر فيبينوا له أن العلاج يكمن في القرآن الكريم والأدعية المأثورة الواردة في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى في ذلك: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {٨٢} (الإسراء) .
وقال أيضا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {٥٧} (يونس) .
فقد ذكر الله سبحانه وتعالى في الآيات السابقة أن القرآن شفاء ولم يذكر أنه دواء، لأن الدواء ربما يشفي أو لايشفي أما القرآن فالشفاء به
حتمي إذا ماقرىء بإخلاص ويقين وحسن ظن بالله تعالى واعتقاد تام أن الله هو الشافي.فالخلاصة هنا أنه يجب على العلماء والفقهاء وأهل العلم وطلبته
وأهل الحسبة جميعاً أن يتكاتفوا لمحاربة هؤلاء السحرة والتنبيه على خطرهم والتحذير من شرهم.
ثالثاً: أما واجب ولاة الأمور في هذا الجانب فهو واجب مهم جداً يتمثل في الأخذ على أيدي هؤلاء السحرة الأشرار
ويطبق فيهم حد الله عز وجل الذي وضحناه سابقاً وهو القتل ويحاربونهم
في كل مكان ليستأصلوا شأفتهم ويضيقوا عليهم الخناق في جميع أنشطتهم الضارة ويراقبوهم في جميع أعمالهم لكي تسلم الأفراد والمجتمعات من شرورهم.
رابعاً: ثم هناك واجب آخر في حق أصحاب المؤسسات والشركات والأعمال التي تقوم بإحضار العمالة من خارج البلاد فهؤلاء أيضاً عليهم واجب التحري
فيمن يقومون بإحضاره إلى بلادنا فيجب عليهم أن لايحضروا إلى ديارنا إلا من عرف ديانته بدين الإسلام واستقامته عليها واستعمال الدقة في ذلك،
فإنه للأسف الشديد كان لهذه العمالة القادمة من الخارج دور كبير في نشر هذه السموم رغبة في تحبيب الكفلاء لهم أوحرصاً على قاع الضرر بالآخرين
لأي سبب من الأسباب، وكم كانت هذه العمالة سبباً في تشتيت أسر وتفريقها وحلول أمراض صعب اكتشافها في كثير من الأحيان فالعاقل الحصيف يتحرى
إذا اضطر لهذه العمالة بألا يحضر إلا الموثوقين منهم في دينهم وأمانتهم واستقامتهم على هذا الدين رجالاً كانوا أو نساءاً ليسلم دينه وصحته وماله.
https://shamela.ws/book/11357/31