دراسات وبحوث وتحليل المنتدى-الإدارة العلمية والبحوثعالم الجآن - الأولون في كوكب الأرض

آكام المرجان في أحكام الجان 15

 

الْبَاب الْحَادِي وَالسِّتُّونَ فِي بَيَان مَا يَسْتَعِين بِهِ الشَّيْطَان من فتْنَة ابْن آدم

قَالَ أَبُو بكر بن عبيد حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد حَدثنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه قَالَ حَدثنَا قَتَادَة عَن أبي الأخوص عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَرْأَة عَورَة وَإِنَّهَا إِذا خرجت استشرفها الشَّيْطَان فَلَا يكون أبدا أقرب إِلَى الله تَعَالَى مِنْهَا إِذا كَانَت فِي قَعْر بَيتهَا وَرَوَاهُ عَن الْحُسَيْن بن بَحر إلاهوازي حَدثنَا عَمْرو بن عَاصِم حَدثنَا همام حَدثنَا قَتَادَة عَن مُورق الْعجلِيّ عَن أبي الأخوص عَن عبد الله بن مَسْعُود نَحوه
حَدثنَا مُحَمَّد بن إِدْرِيس حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس حَدثنَا حُسَيْن بن صَالح قَالَ سَمِعت أَن الشَّيْطَان قَالَ للْمَرْأَة أَنْت نصف جندي وَأَنت سهمي الَّذِي أرمي بِهِ فَلَا أخطى وَأَنت مَوضِع سري وَأَنت رَسُولي فِي حَاجَتي حَدثنَا عبيد الله بن جرير العتكى حَدثنَا هزيم بن عُثْمَان حَدثنَا سَلام ابْن مِسْكين عَن مَالك بن دِينَار قَالَ حب الدُّنْيَا رَأس الْخَطِيئَة وَالنِّسَاء حبالة الشَّيْطَان
حَدَّثَنى عَبَّاس بن جَعْفَر حَدَّثَنى منتجع بن مُصعب حَدَّثَنى عبيد ابْن جريج عَن عَمْرو سَمِعت مَالك بن دِينَار يَقُول لَيْسَ شئ أوثق فى نفس إِبْلِيس من الدُّنْيَا حَدَّثَنى أَبُو حَفْص الصفار حَدثنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان حَدثنَا شُعْبَة عَن على بن زيد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ مَا بعث الله تَعَالَى نَبيا إِلَّا لم ييأس إِبْلِيس أَن يهلكه بِالنسَاء وَقَالَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَبى بكر فى كتاب القلائد حَدثنَا ابْن بكير حَدثنَا أَبُو زيد حَدثنَا سهل ابْن يُوسُف عَن أبان بن صمعة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الشَّيْطَان من الرجل فى ثَلَاثَة منَازِل فى عَيْنَيْهِ وفى قلبه وفى ذكره وَهُوَ من الْمَرْأَة فى ثَلَاثَة منَازِل فى عينيها وَفِي قَلبهَا وفى عجزها وَقَالَ عبد الله بن مُحَمَّد القرشى حَدثنَا الْحسن بن بَحر العبدى حَدثنَا عبد الرزاق حَدثنَا معمر عَن قَتَادَة قَالَ لما هَبَط إِبْلِيس قَالَ يَا رب قد لعنته فَمَا عمله قَالَ السحر قَالَ فَمَا قِرَاءَته قَالَ الشّعْر قَالَ فَمَا كِتَابَته قَالَ الوشم قَالَ فَمَا طَعَامه قَالَ كل ميتَة وَمَا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ قَالَ فَمَا شرابه قَالَ كل مُسكر قَالَ فَأَيْنَ مَسْكَنه قَالَ الْحمام قَالَ فَأَيْنَ مَجْلِسه قَالَ الْأَسْوَاق قَالَ فَمَا مؤذنه قَالَ المزمار قَالَ فَمَا مصائده قَالَ النِّسَاء حَدثنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن صبيح المروزى حَدثنَا الْحسن بن بشر بن سلم حَدثنَا الحكم بن عبد الملك عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن للشَّيْطَان كحلا ولعوقا فَإِذا كحل الْإِنْسَان من كحله ثقلت عَيناهُ وَإِذا ألعقه من لعوقه درب لِسَانه بِالشَّرِّ حَدَّثَنى أَبى أَنبأَنَا أَحْمد بن إِسْحَاق الحضرمى أَنبأَنَا عبد الواحد بن زِيَاد حَدثنَا عَاصِم الْأَحول عَن الْحسن قَالَ إِن للشَّيْطَان ملعقة ومكحلة فملعقته الْكَذِب ومكحلته النّوم عَن الذّكر حَدَّثَنى أَحْمد ابْن الْحَارِث عَن شيخ من قُرَيْش قَالَ قَالَ خَالِد بن صَفْوَان إِن الشَّيْطَان باحتياله وَنصب أحباله يخْتل بِالشُّبْهَةِ ويكابر بالشهوة فَإِذا أعيا مختالا كرّ مكابرا حَدثنَا عبد الله بن رومى حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الكريم حَدَّثَنى عبد الصَّمد بن معقل قَالَ سَمِعت وهب بن مُنَبّه قَالَ كَانَ عَابِد من السياحين فأراده الشَّيْطَان فَلم يسْتَطع مِنْهُ شَيْئا فَقَالَ لَهُ الشَّيْطَان أَلا تَسْأَلنِي عَمَّا أضلّ بِهِ بني آدم قَالَ بلَى قَالَ فَأَخْبرنِي مَا أوثق شَيْء فِي نَفسك أَن تضلهم قَالَ الشُّح والحدة وَالسكر فَإِن الرجل إِذا كَانَ شحيحا قللنا مَاله فِي عَيْنَيْهِ ورغبناه فِي أَمْوَال النَّاس وَإِذا كَانَ حديدا أدرناه بَيْننَا كَمَا يتداور الصببان الأكرة فَلَو كَانَ يحيى الْمَوْتَى بدعوته لم نيئس مِنْهُ وَإِذا هُوَ سكر اقتدناه إِلَى كل شَهْوَة كَمَا تقاد العنز بأذنها وَقَالَ أَحْمد حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَطاء بن السَّائِب عَن عَمْرو ابْن مَيْمُون عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِن الشَّيْطَان أطاف بِأَهْل مجْلِس ذكر ليفتنهم فَلم يسْتَطع أَن يفرق بَينهم فَأتى حَلقَة يذكرُونَ الدُّنْيَا فأغرى بَينهم حَتَّى اقْتَتَلُوا فَقَامَ أهل الذّكر فحجزوا بَينهم فَتَفَرَّقُوا
قَالَ الْقرشِي حَدثنَا سعد بن سُلَيْمَان الوَاسِطِيّ عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ لما بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل إِبْلِيس يُرْسل شياطينه إِلَى أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيجيئوا بصحفهم لَيْسَ فِيهَا شَيْء فَقَالَ مَا لكم لَا تصيبون مِنْهُم شَيْئا فَقَالُوا مَا صَحِبنَا قوما قطّ مثل هَؤُلَاءِ قَالَ رويدا بهم عَسى أَن تفتح لَهُم الدُّنْيَا هُنَاكَ تصيبون حَاجَتكُمْ مِنْهُم وَحدثنَا يَعْقُوب بن اسماعيل أَنا حسان أَنا عبد الله يَعْنِي ابْن الْمُبَارك قَالَ أَنا عبيد الله بن موهب قَالَ سَأَلَ بعض الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام إِبْلِيس وأبداله بِأَيّ شَيْء تغلب ابْن آدم قَالَ آخذه عِنْد الْغَضَب وَعند الْهوى حَدثنَا اسحاق بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة حَدثنَا الْأَعْمَش عَن خَيْثَمَة قَالَ كَانُوا يَقُولُونَ إِن الشَّيْطَان يَقُول وَكَيف يغلبني ابْن آدم إِذا رضى جِئْت حَتَّى أكون فِي قلبه وَإِذا غضب طرت حَتَّى أكون فِي رَأسه
تَعْلِيق وَبَيَان
قلت يشْهد لصِحَّة ذَلِك مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رجلا قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوصني قَالَ لَا تغْضب فردد مرَارًا قَالَ لَا تغْضب وَفِي الصَّحِيح أَن رجلَيْنِ اسْتَبَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى احمر وَجه أَحدهمَا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأعْلم كلمة لَو قَالَهَا لذهب عَنهُ مَا يجد أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَفِي السّنَن قَالَ إِن الْغَضَب من الشَّيْطَان وَإِن الشَّيْطَان من النَّار وَإِنَّمَا تطفأ النَّار بِالْمَاءِ فَإِن غضب أحدكُم فَليَتَوَضَّأ ذكر الْمحَامِلِي فِي الْبَاب اسْتِحْبَاب الْوضُوء عِنْد الْغَضَب قَالَ بعض الشَّافِعِيَّة لَا نعلم أحدا قَالَ بِهِ غَيره وَقد قَالَ تَعَالَى {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ فاستعذ بِاللَّه إِنَّه سميع عليم} فالشيطان يحمل الغضبان على أَن يَقُول مَا هُوَ كَارِه لقَوْله وَغير محب لقَوْله لَكِن يَقُوله ليستريح بذلك ويبرد غَضَبه فَيدْفَع عَنهُ حرارة الْغَضَب كَمَا يقْصد المكرة أَن يستريح من ألم الْإِكْرَاه وضرره بِفعل مَا أكره عَلَيْهِ وَالله الْمُوفق

الْبَاب الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ فِي أَن الشَّيْطَان مَعَ من يُخَالف الْجَمَاعَة

روى الإِمَام أَحْمد من حَدِيث ابْن عمر أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنْهُمَا خطب النَّاس بالجابية فَقَالَ قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ من أَرَادَ مِنْكُم بحبوحة الْجنَّة فليلزم الْجَمَاعَة فَإِن الشَّيْطَان مَعَ الْوَاحِد وَهُوَ من الِاثْنَيْنِ أبعد ثمَّ رَوَاهُ الإِمَام احْمَد من حَدِيث جَابر بن سَمُرَة قَالَ خطب عمر رَضِي الله عَنهُ النَّاس بالجابية فَذكر نَحوه وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح
وَقَالَ ابْن صاعد حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد الْجَوْهَرِي حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن يزِيد بن مردانية عَن يزِيد بن علاقَة عَن عرْفجَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَد الله على الْجَمَاعَة والشيطان مَعَ من يُخَالف الْجَمَاعَة وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ حَدثنَا أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن اسحاق بن البهلول حَدثنِي ابي حَدثنَا مُحَمَّد بن يعلى حَدثنَا سُلَيْمَان العامري عَن الشَّيْبَانِيّ عَن زِيَاد ابْن علاقَة عَن أُسَامَة عَن شريك قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَد الله على الْجَمَاعَة فَإِذا شَذَّ الشاذ مِنْهُم اختطفته الشَّيَاطِين كَمَا يختطف الذِّئْب الشَّاة من الْغنم وروى الإِمَام أَحْمد من حَدِيث أبي وَائِل عَن عبد الله وَهُوَ ابْن مَسْعُود قَالَ خطّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطا بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ هَذَا سَبِيل الله مُسْتَقِيمًا قَالَ ثمَّ عَن يَمِينه وشماله ثمَّ قَالَ هَذِه السبل لَيْسَ مِنْهَا سَبِيل إِلَّا عَلَيْهِ شَيْطَان يَدْعُو إِلَيْهِ ثمَّ قَرَأَ {وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ وَلَا تتبعوا السبل} وروى الإِمَام أَحْمد أَيْضا من حَدِيث معَاذ بن جبل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الشَّيْطَان ذِئْب الْإِنْسَان كذئب الْغنم يَأْخُذ الشَّاة القاصية والناحية فإياكم والشعاب وَعَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة وَالْمَسْجِد نسْأَل الله التَّوْفِيق

الْبَاب الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ فِي بَيَان شدَّة الْعَالم على الشَّيْطَان

روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لفقيه وَاحِد أَشد على الشَّيْطَان من ألف عَابِد وَقَالَ ابْن عبيد حَدثنِي أَبُو عبد الله احْمَد بن بجير حَدثنَا عَليّ بن عَاصِم عَن بعض الْبَصرِيين قَالَ كَانَ عَالم وعابد متواخيين فِي الله فَقَالَت الشَّيَاطِين لإبليس إِنَّا لَا نقدر على أَن نفرق بَينهمَا فَقَالَ إِبْلِيس لَعنه الله أَنا لَهما فَجَلَسَ بطرِيق العابد إِذْ أقبل العابد حَتَّى إِذا دنا من إِبْلِيس قَامَ إِلَيْهِ فِي مِثَال شيخ كَبِير بَين عَيْنَيْهِ أثر السُّجُود فَقَالَ للعابد إِنَّه قد حاك فِي صَدْرِي شَيْء أَحْبَبْت أَن أَسأَلك عَنهُ فَقَالَ لَهُ العابد سل فَإِن يكن عِنْدِي علم أَخْبَرتك عَنهُ فَقَالَ لَهُ إِبْلِيس هَل يَسْتَطِيع الله عز وَجل أَن يَجْعَل السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال الشّجر وَالْمَاء فِي بَيْضَة من غير أَن يزِيد فِي الْبَيْضَة شَيْئا وَمن غير أَن ينقص من هَذَا شَيْئا فَقَالَ لَهُ العابد من غير أَن ينقص من هَذَا شَيْئا وَمن غير أَن يزِيد فِي هَذَا شَيْئا كالمتعجب فَوقف العابد فَقَالَ لَهُ إِبْلِيس امضه ثمَّ الْتفت إِلَى اصحابه فَقَالَ اما هَذَا فقد أهلكته جعلته شاكا فِي الله تَعَالَى ثمَّ جلس على طَرِيق الْعَالم فَإِذا هُوَ مقبل حَتَّى إِذا دنا من إِبْلِيس قَامَ إِلَيْهِ إِبْلِيس فَقَالَ يَا هَذَا إِنَّه قد حاك فِي صَدْرِي شَيْء أَحْبَبْت أَن أَسأَلك عَنهُ فَقَالَ لَهُ الْعَالم سل فَإِن يكن عِنْدِي علم أَخْبَرتك فَقَالَ لَهُ إِبْلِيس هَل يَسْتَطِيع الله عز وَجل أَن يَجْعَل السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال وَالشَّجر وَالْمَاء فِي بَيْضَة من غير أَن يزِيد فِي الْبَيْضَة شَيْئا وَمن غير أَن ينقص من هَذَا شَيْئا فَقَالَ لَهُ الْعَالم نعم قَالَ فَرد عَلَيْهِ إِبْلِيس كالمنكر من غير أَن يزِيد فِي هَذَا شَيْئا وَمن غير أَن ينقص من هَذَا شَيْئا فَقَالَ لَهُ الْعَالم نعم بانتهار وَقَالَ {إِنَّمَا أمره إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون} فَقَالَ إِبْلِيس لأَصْحَابه من قبل هَذَا أتيتم نسْأَل الله الْعِصْمَة

الْبَاب الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ فِي بكاء الشَّيْطَان على الْمُؤمن لفَوَات فتنته عِنْد الْمَوْت

قَالَ الْقرشِي حَدثنَا الْقَاسِم بن هَاشم حَدثنَا ابو الْيَمَان حَدثنَا صَفْوَان عَن بعض الأشياح قَالَ الشَّيْطَان أَشد بكاء على الْمُؤمن إِذا مَاتَ من بعض أَهله لما فَاتَهُ من افتانه إِيَّاه فِي الدُّنْيَا وَقَالَ صَالح بن أَحْمد بن حَنْبَل رَأَيْت أبي عِنْد الْمَوْت يلهج بقوله لَا بعد لَا بعد فَقلت يَا أَبَت رَأَيْتُك تَقول لَا بعد لَا بعد فَمَا هَذَا قَالَ الشَّيْطَان وَاقِف عِنْد رَأْسِي يَقُول فتنى يَا أَحْمد وَأَنا أَقُول لَا بعد لَا بعد وروى أَبُو دَاوُد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا يَقُول فِي دُعَائِهِ وَأَعُوذ بك أَن يتخبطني الشَّيْطَان عِنْد الْمَوْت نسْأَل الله التثبيت بمنه وَكَرمه

الْبَاب الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ فِي تعجب الْمَلَائِكَة عِنْد خُرُوج روح الْمُؤمن ونجاته من الشَّيْطَان

قَالَ عبد الله بن احْمَد بن حَنْبَل حَدثنِي شُرَيْح بن النُّعْمَان حَدثنِي عَنْبَسَة بن عبد الْوَاحِد عَن مَالك بن مغول عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع قَالَ إِذا عرج بِروح الْمُؤمن إِلَى السَّمَاء قَالَت الْمَلَائِكَة سُبْحَانَ الَّذِي نجى هَذَا العَبْد من الشَّيْطَان يَا ويحه كَيفَ نجا قَالَ أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ ولكثرة فتن الشَّيْطَان وتشبثها بالقلوب عزت السَّلامَة فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى مَا يحث عَلَيْهِ الطَّبْع فَهُوَ كمداد لسفينة منحدرة فيا سرعَة انحدارها وَلما ركب الْهوى فِي هاروت وماروت لم يستمسكا فَإِذا رَأَتْ الْمَلَائِكَة مُؤمنا قد مَاتَ على الْإِيمَان تعجبت من سَلَامَته وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

الْبَاب السَّادِس وَالتِّسْعُونَ فِي أَفعَال لم يسْبق إِبْلِيس إِلَيْهَا

روى ابْن أبي شيبَة وَأَبُو عرُوبَة فِي أوائلهما قَالَ ابْن سِيرِين أول من قَاس إِبْلِيس وَإِنَّمَا عبدت الشَّمْس وَالْقَمَر بالمقاييس وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ قَاس إِبْلِيس وَهُوَ أول من قَاس رَوَاهُمَا ابْن جرير وَمعنى هَذَا أَنه نظر نَفسه بطرِيق المقايسة بَينه وَبَين آدم فراى نَفسه أشرف من أَدَم فَامْتنعَ من السُّجُود مَعَ وجود الْأَمر لَهُ ولسائر الْمَلَائِكَة وَالْقِيَاس إِذا كَانَ مُقَابلا للنَّص كَانَ فَاسد الِاعْتِبَار ثمَّ هُوَ فَاسد فِي نَفسه لما قدمْنَاهُ فِي الْبَاب السَّادِس والثمانين من خَمْسَة عشر وَجها وروى ابْن أبي شيبَة بِسَنَدِهِ قَالَ مَيْمُون بن مهْرَان سَأَلت ابْن عمر من أول من سمي الْعشَاء الْعَتَمَة قَالَ الشَّيْطَان وَذكر الْبَغَوِيّ أَنه أول من ناح وروى جَابر مَرْفُوعا أَنه أول من تغنى وَالله أعلم

الْبَاب السَّابِع وَالتِّسْعُونَ فِي رنات إِبْلِيس لَعنه الله

ذكر بَقِي بن مخلد فِي تَفْسِيره أَن إِبْلِيس رن أَربع رنات رنة حِين لعن وَرَنَّة حِين أهبط وَرَنَّة حِين بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَنَّة حِين أنزلت فَاتِحَة الْكتاب قَالَ والرنين والنخار من عمل الشَّيْطَان وَقَالَ ابْن دُرَيْد رن وأرن من الرنين وَهُوَ شَبيه بالحنين قَالَ الشَّاعِر … أرن على حقب حِيَال طروقة … كذود الْأَجِير الاربع الأشرات … وَقَالُوا فِي بَيت رَوَوْهُ … نبهت مَيْمُون لَهَا فَأَنا … وَقَامَ يشكو عصبا قَدرنَا …
وَقَالَ الْأَصْمَعِي إِنَّمَا هُوَ زن أَي تقبض ويبس وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب مكايد الشَّيْطَان حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن رَاشد حَدثنَا دَاوُد بن مهْرَان حَدثنَا يَعْقُوب القمي عَن جَعْفَر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ لما لعن الله تَعَالَى إِبْلِيس تَغَيَّرت صورته عَن صُورَة الْمَلَائِكَة فَخرج فرن رنة كل رنة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مِنْهَا قَالَ سعيد وَلما رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما يُصَلِّي بِمَكَّة رن رنة أُخْرَى قَالَ سعيد وَلما افْتتح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة رن رنة أُخْرَى اجْتمعت إِلَيْهِ ذُريَّته فَقَالَ إيأسوا أَن تردوا أمة مُحَمَّد إِلَى الشّرك وَلَكِن افتنوهم فِي دينهم وأفشوا بَينهم النوح وَالشعر وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنَا عَليّ بن أبي الْجَعْد حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار سَمِعت شَيخنَا يَقُول سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول لما خلق الله تَعَالَى إِبْلِيس نخر لَعنه الله تَعَالَى

الْبَاب الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ فِي أَن عرش إِبْلِيس على الْبَحْر

روى مُسلم من حَدِيث جَابر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن عرش إِبْلِيس على الْبَحْر فيبعث سراياه فيفتنون النَّاس فأعظمهم عِنْده منزلَة أعظمهم فتْنَة يجِئ أحدهم فَيَقُول فعلت كَذَا وَكَذَا فَيَقُول مَا صنعت شَيْئا ثمَّ يَجِيء أَحدهمَا فَيَقُول مَا تركته حَتَّى فرقت بَينه وَبَين امْرَأَته فيدنيه مِنْهُ وَيَقُول نعم أَنْت أَنْت وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده بِنَحْوِهِ من عدَّة طرق فَقَالَ حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة حَدثنَا صَفْوَان حَدثنَا مَاعِز التَّمِيمِي عَن جَابر وَرَوَاهُ أَيْضا عَن روح عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر وَسَاقه أَيْضا من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ فَقَالَ حَدثنَا عَفَّان حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة أَنبأَنَا عَليّ بن زيد عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِابْنِ صائد مَا ترى قَالَ ارى عرشا على المَاء أَو قَالَ على الْبَحْر حوله حيات قَالَ ذَاك عرش إِبْلِيس وَقَالَ سنيد فِي تَفْسِيره حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش وَحميد الْكِنْدِيّ عَن عبَادَة بن نسي عَن أبي ريحانه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن إِبْلِيس اتخذ عرشا على المَاء ووكل بِكُل رجل شَيْطَانَيْنِ وأجلهما سنة فَإِن فتناه وَإِلَّا قطع ايديهما وأرجلهما وصلبهما ثمَّ بعث لَهُ شَيْطَانَيْنِ آخَرين قَالَ الْحَافِظ ابْن مُنَبّه هَذَا حَدِيث تفرد بِهِ أَبُو بكر بن عَيَّاش وَقَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ هَذَا حَدِيث غَرِيب مُنكر لَا يعرف إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد

الْبَاب التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ فِي مَكَان ركز الشَّيْطَان رايته

روى مُسلم من حَدِيث سلمَان قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تكونن إِن اسْتَطَعْت أول دَاخل السُّوق وَلَا آخر من يخرج مِنْهَا فَإِنَّهَا معركة الشَّيْطَان وَبهَا تركز رايته وَرَوَاهُ عَبَّاس الدوري عَن سعيد بن عَامر الضبعِي عَن عَوْف عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَلَفظه فَإِنَّهَا مبيض الشَّيْطَان وَبهَا يقرب لِوَاؤُهُ

الْبَاب الموفي مائَة فِي جعل إِبْلِيس كل وَاحِد من وَلَده عَن شَيْء من أمره

قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد حَدثنَا بشر بن الْوَلِيد الْكِنْدِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن طَلْحَة عَن زيد عَن مُجَاهِد قَالَ لإبليس خَمْسَة من وَلَده قد جعل كل وَاحِد مِنْهُم على شَيْء من أمره ثمَّ سماهم فَذكر ثبر والأعور ومسؤط وداسم وزلبنور فَأَما ثبر فَهُوَ صَاحب المصيبات الَّذِي يَأْمر بالثبور وشق الْجُيُوب وَلَطم الخدود وَدَعوى الْجَاهِلِيَّة وَأما الْأَعْوَر فَهُوَ صَاحب الزِّنَا الَّذِي يامر بِهِ ويزينه وَأما مسوط فَهُوَ صَاحب الْكَذِب الَّذِي يسمع فَيلقى الرجل فيخبره بالْخبر فَيذْهب الرجل إِلَى الْقَوْم فَيَقُول لَهُم قد رَأَيْت رجلا أعرف وَجهه وَمَا أَدْرِي مَا اسْمه حَدثنِي بِكَذَا وَكَذَا وَأما داسم فَهُوَ الَّذِي يدْخل مَعَ الرجل إِلَى أَهله يرِيه الْعَيْب فيهم ويغضبه عَلَيْهِم وَأما زلنبور فَهُوَ صَاحب السُّوق الَّذِي تركز رايته فِي السُّوق وَالله أعلم

الكتاب: آكام المرجان في أحكام الجان
المؤلف: محمد بن عبد الله الشبلي الدمشقيّ الحنفي، أبو عبد الله، بدر الدين ابن تقي الدين (المتوفى: 769هـ)
المحقق: إبراهيم محمد الجمل
الناشر: مكتبة القرآن – مصر – القاهرة

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى