بيان معنى شياطين الجن والإنس
ج : الشياطين من الجن ، وهم متمردوهم وأشرارهم ، كما أن شياطين الإنس هم متمردو الإنس وأشرارهم ، فالجن والإنس فيهم شياطين ، وهم متمردوهم وأشرارهم ، من الكفرة والفسقة ، وفيهم المسلمون من الأخيار الطيبين ، كما في الإنس الأخيار الطيبون ، قال الله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
، والشيطان هو أبو الجن عند جمع من أهل العلم ، وهو الذي عصى ربه واستكبر عن السجود ، وقال آخرون من أهل العلم : إن الشيطان من طائفة من الملائكة ، يقال لهم : الجن استكبر عن السجود فطرده الله ، وأبعده وصار قائدا لكل شر ، ولكل خبيث ولكل كافر أو ضال ، وكل إنسان معه شيطان ، ومعه ملك كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ، فالشيطان يملي عليه الشر ويدعوه إلى الشر ، وله لمة بقلبه ، وله اطلاع بتقدير الله على ما يقوم به العبد ويلهي العبد بين الخير والشر، والملك كذلك فهذه أشياء مكنهم الله منها ، مكن القرينين : القرين من الجن ، والقرين من الإنس ، وهو شيطان ، قرين الجن مع الإنسان ، كما قاله عليه الصلاة والسلام ، لما قال :
ما منكم من أحد إلا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة ” ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ” ولا أنا ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم
.
المقصود أن كل إنسان معه قرينه من الملائكة وقرينه من الشياطين ، فالمؤمن بطاعة الله ورسوله ، والاستقامة على دين الله يقهر شيطانه ، ويذل شيطانه ويهين شيطانه ، حتى يكون ضعيفا لا يستطيع أن يغالب ، ويمنع المؤمن من الخير . والعاصي بمعاصيه وسيئاته يعين شيطانه حتى يقوى على مساعدته على الباطل ، وعلى تشجيعه على الباطل ، وعلى تثبيطه عن الخير ، فعلى المؤمن أن يتقي الله ، وأن يحرص على جهاد شيطانه ، بطاعة الله ورسوله والتعوذ بالله من الشيطان ، وعلى أن يحرص
في مساعدة ملكه على طاعة الله ورسوله ، والقيام بأمر الله سبحانه تعالى ، والمسلمون يعينون إخوانهم من الجن ، على طاعة الله ورسوله كالإنس ، وقد يعينون الإنس في بعض المسائل ، وإن لم يعلم الإنس قد يعينونهم على طاعة الله ورسوله ، وقد يسمع الإنس منهم بعض الشيء ، وقد يوقظونه للصلاة ، وقد ينبهونه على أشياء تنفعه ، وأشياء تضره ، كل هذا واقع وإن كانوا لا يتمثلون له ، وقد يتمثل الجني لبعض الناس في دلالته على الخير ، وفي دلالته على الشر ، قد يقع هذا ولكنه قليل ، والغالب أنهم لا يظهرون للإنسان ، وإن سمع صوتهم في بعض الأحيان ، يوقظونه للصلاة أو يخبرونه ببعض الأخبار ، فالحاصل أن الجن من المؤمنين لهم مساعدة للمؤمنين ، وإن لم يعلم المؤمنون ، ويحبون لهم كل خير ، وهكذا المؤمنون من الإنس يحبون لإخوانهم من الجن المؤمنين الخير ، ويسألون الله لهم التوفيق ، ويحضرون الدروس ويحبون سماع العلم ، فالمؤمنون من الجن يحضرون دروس الإنس في بعض الأحيان وفي بعض البلاد ويستفيدون من دروس الإنس ، كل هذا واقع ومعلوم ، وقد صرح به كثير ممن اتصل به الجن ، وسألوه عن بعض المسائل العلمية وأخبروه أنهم يحضرون دروسه ، كل هذا أمر معلوم ، وفيه كتب كثيرة كتبت في هذا الباب ، وابن القيم رحمه الله في كتبه قد ذكر كثيرا من هذا ، وفيه كتاب لبعض العلماء سماه آكام المرجان في بيان أحكام الجان ، لشخص يقال له : الشبلي ، وهو كتاب مفيد ، ولا بد أن هناك كتبا أخرى قد صنفت في هذا الباب ، في إمكان الإنسان أن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س: يقول بعض الناس: إن هناك شيطانا قد أسلم وشيطانا كفر. هل هذا صحيح؟
ج : الجن فيهم المسلم وفيهم الكافر، والشيطان هو المتمرد، شياطين الجن متمردوهم، وشياطين الإنس متمردوهم، فذرية الشيطان من الشياطين، هم على حالهم شياطين، يصدون الناس عن الهدى، ومن هداه الله من الجن ما يسمى شيطانا، الشيطان هو الذي يتمرد عن الحق والهدى ، ويتبع جده الشيطان في الباطل، ومن هداه الله منهم، كان من جنسنا له فضله، وله ما وعد الله به من الجنة والخير، كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة الجن: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا
فإذا أسلم من تشيطن منهم، ورجع إلى الإسلام وتمسك بالإسلام، هو مثل الإنس الذي كان كافرا ثم رجع إلى الإسلام، وهداه الله، فالجن والإنس فيهم الكافر ، وفيهم المسلم ، وفيهم المبتدع ، وفيهم العاصي، وفيهم الجهمي ، وفيهم الرافضي، وفيهم غير ذلك، كما قال سبحانه: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ
ثم قال بعده:
كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا
يعني أقساما متفرقة، وفرقا متنوعة، فيهم الطيب والخبيث، فيهم الصالح والطالح، فيهم صاحب السنة وصاحب البدعة، وقال في الآية التي بعدها :
وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا
القاسط العادل عن الحق، يقال : قسط إذا جار، أما أقسط فهو العادل، ومنه قوله جل وعلا : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
أهل العدل والفضل والبصيرة، فالمقسط صفة مدح، وهو الذي التزم الحق واعتدل، وأخذ بالعدالة، والقاسط المائل عن الحق الذي جار عن الحق، وأبى اتباع الحق، ولهذا قال سبحانه :
وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ
يعني الجائرين المنحرفين عن الحق
فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا
فهكذا يقال في الجن والإنس، فهم سواء : من ترك شركه وباطله، ودخل في الإسلام فله ما للمسلمين، من الجن والإنس، وعليه ما عليهم، ومن بقي في شيطنته وكفره وضلاله، فله ما لأصحابه من جن أو إنس، ومن استقر على الهدى ومضى على الهدى، وسار على الهدى، فله ما وعد الله به المهتدين، والله المستعان
(الرئآسه العآمه للبحوث العلميه والإفتـآء)
المصدر
http://www.alifta.net/fatawa/fatawaDetails.aspx?BookID=5&View=Page&PageNo=1&Pag eID=88&languagename=