خطب الشيخ فيصل الحسني : الذكاء الإصطناعي ومساوئه
خطبة جامع العلوانية ( زاوية الحضارم )
حي البلد – فيصل عبدالله آل عوض .
الجمعة 30 محرم 1447 هـ
موضوع الخطبة : الذكاء الإصطناعي ومساوئه
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
أَمَّا بَعْدُ ؛ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ ؛ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عباد الله ويا أيها الإخوة الكرام الأحبة
تَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لَكُمْ وَلِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ،
وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا فِي هَذَا الزَّمَانِ ، أَنْ عَلَّمَنَا مَا لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُ ، وَيَسَّرَ لَنَا مَا لَمْ يَتَيَسَّرْ لِمَنْ كَانَ قَبْلَنَا ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا نَشْهَدُهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ ، مِنْ تَطَوُّرٍ فِي الِاخْتِرَاعَاتِ ، وَتَقَدُّمٍ فِي التِّقْنِيَاتِ ، وَمِنْهُ مَا يُعْرَفُ الْيَوْمَ بِالذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ ،
الَّذِي لَا يَشُكُّ عَاقِلٌ بِأَنَّهُ مِنْ تَسْخِيرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِعِبَادِهِ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ ، يَقُولُ ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، عِنْدَ كَلَامِهِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ : وَمِنْهُ جَوَازُ اسْتِخْدَامِ مَا فِي هَذَا الْكَوْنِ لِمَصَالِحِنَا ؛ لِأَنَّهُ مُسَخَّرٌ لَنَا ، فَإِذَا كَانَ مُسَخَّرًا لَنَا ؛ فَلَنَا أَنْ نَنْتَفِعَ بِهِ فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا .
فَالذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي تَسْتَحِقُّ وَتَسْتَوْجِبُ الشُّكْرَ ، وَمِنْ شُكْرِهَا : اسْتِخْدَامُهَا فِيمَا يُرْضِي اللَّهَ سُبْحَانَهُ ، مِمَّا يَنْفَعُ النَّاسَ وَيَخْدِمُ مَصَالِحَهُمْ ، كَالطِّبِّ وَالتَّعْلِيمِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَحْتَاجُونَهُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُقَابِلَ نِعَمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْكُفْرِ وَالْجُحُودِ وَسُوءِ الِاسْتِخْدَامِ ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُنْشَرُ فِي بَعْضِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ ، نَتِيجَةَ اسْتِخْدَامِ مَا يَسَّرَ اللَّهُ من علم الله فِيمَا لَا يُرْضِي الله عزوجل ؛ كَالتَّزْوِيرِ وَالتَّزْيِيفِ وَتَرْوِيجِ الْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ وَالِافْتِرَاءِ ، وَانْتِحَالِ الشَّخْصِيَّاتِ ، وَنَشْرِ الشَّائِعَاتِ ، وَالْإِضْرَارِ بِالْأَبْرِيَاءِ ، وَالتَّقَوُّلِ عَلَى الْعُلَمَاءِ ، وَنَسْبِ بَعْضِ الْفَتَاوَى إلَيْهِمْ وَهُمْ مِنْهَا بُرَآءُ ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ ، وَمِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى ، يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴾ ، وَيَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَائِلٍ : ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ .
…………………………………………………………………………
اللهم ربنا زينا بمكارم الصفات ومكارم الأخلاق ومكارم الآداب
برحمتك يا أرحم الراحمين
…………………………………………………………………………
اللهم ربنا إهدنا ويسر الهدى لنا وأهدي عامة المسلمين
اللهم ربنا آلف بين قلوب أمتك يارب العالمين
اللهم وردنا والمسلمين إليك مرد جميلا
…………………………………………………………………………
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين
من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور .
…………………………………………………………………………
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ :
الحمد لله أهل الحمد ومستحقه حمدا يفضل على كل حمد كفضل الله على خلقه
وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادة من يحاول أن يقوم لله بحقه
واشهد أن محمد عبده ورسوله غير مرتاب في صدقه
صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ماجاد سحاب بودقه وما رعد بعد برقه
أما بعد
فيا أيها الأخوة الكرام الأحبة وياأيها المسلمون
ويا عباد الله :
…………………………………………………………………………
فَالذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ – مِنَ النِّعَمِ إِذَا اسْتُخْدِمَ فِيمَا يُرْضِي اللَّهَ ، وَيَخْدِمُ مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَكِنَّهُ مِنَ النِّقَمِ الْعَظِيمَةِ ، وَالشُّرُورِ الْخَطِيرَةِ عِنْدَمَا يُسْتَخْدَمُ لِتَرْكِيبِ مَقَاطِعَ لَا أَصْلَ لَهَا ، وَتَلْفِيقِ صُوَرٍ لَا وَاقِعَ لَهَا ، وَصِنَاعَةِ أَصْوَاتٍ لَا أَسَاسَ لَهَا ، وَقَالَ فُلَانٌ ، وَهُوَ لَمْ يَقُلْ ، وَأَفْتَى فُلَانٌ ، وَهُوَ لَمْ يُفْتِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْكَذِبِ الْعَظِيمِ ، وَالِافْتِرَاءِ الْمُبِينِ ، يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ » ، « يَخْرُجُ مِمَّا قَالَ » أَيْ : يَتُوبُ وَيَسْتَحِلُّهُ مِمَّا قَالَ فِيهِ ، وَ« رَدْغَةُ الْخَبَالِ » ، عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ وَصَدِيدُهُمْ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ .
فَمَا تَعْمَلُ وَمَا تَنْشُرُ وَمَا تَقُولُ وَمَا تَسْتَخْدِمُ ، عَبْرَ تِقْنِيَّاتِ الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا لَكَ ، أَوْ يَكُونَ حُجَّةً عَلَيْكَ ، وَكَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ .
فالحذار الحذار من إستغلال علم الله في الكذب على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه والغيبة والبهتان والإفتراء على عباده الله سبحانه . فقال سبحانه في سورة النبأ
( إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (40)
اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم ربنا زينا بمكارم الصفات ومكارم الأخلاق ومكارم الآداب
برحمتك يا أرحم الراحمين
____________________________________________
اللهم ربنا أهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لايهدي لأحسن الأخلاق إلا انت
اللهم ربنا أتى نفوسنا تقواها وزكاها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها
اللَّهُمَّ إنَّا نسألك الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعفافَ والْغِنَى
اللهم ربنا أعنا ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم ربنا إهدنا يسر الهدى لنا إهد عامة المسلمين
اللهم ربنا آلف بين قلوب أمتك يارب العالمين
اللهم ربنا آمن بلادنا بلاد الحرمين الشريفين من كل سوء ومرض وفتنة ووباء وبلاء وجميع بلاد المسلمين
اللهم ربنا وفِّق ولي أمرنا وجميع ولاة أمر المسلمين
اللهم ربنا وفقهم لما تحب وترضى،وأعنهم على البر والتقوى، وسددهم في أقوالهم وأعمالهم،
وأرزقهم البطانة الصالحة يا حي يا قيُّوم،
اللهم ربنا وفق جميع ولاة أمر المسلمين
للعمل بكتابك، واتباع سنة نبيك محمد – صلى الله عليه وسلم
اللهم ربنا وأجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين
اللهم ربنا إجعلنا وزوجاتنا وذرياتنا من عبادك الذين
أحببتهم ورضيت عنهم يارب العالمين
اللهم ربنا إغفر لنا ولأبائنا ولإمهاتنا وجميع المسلمين
الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين
( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار
وأدخلنا الجنة مع الأبرار ياعزيز ياغفار )
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات: 180 – 182]
____________________________________________