وصف الجن وأخبارهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة Description of the jinn
روى البخاري في صحيحه بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم (يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة). قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة، وعيالا فرحمته فخليت سبيله، قال: (أما إنه قد كذبك، وسيعود). فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنه سيعود). فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال، لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا أبا هريرة ما فعل أسيرك). قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته فخليت سبيله، قال: (أما إنه كذبك، وسيعود). فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات تزعم لا تعود، ثم تعود، قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت ما هو؟ قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي: الله لا إله إلا هو الحي القيوم . حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما فعل أسيرك البارحة). قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، قال: (ما هي). قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}. وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح – وكانوا أحرص شيء على الخير – فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة). قال: لا، قال: ( ذاك شيطان ) .
وتقبلوا أجمل وأطيب دعواتنا
ووقع مثل ذلك لمعاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه ، روى هذا الحديث الطبراني في المعجم الكبير ونصه [عن بريدة قال بلغني أن معاذ بن جبل أخذ الشيطان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته فقلت بلغني أنك أخذت الشيطان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم ضم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تمر الصدقة فجعلته في غرفة لي فكنت أجد فيه كل يوم نقصانا فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي هو عمل الشيطان فرصدته ليلا فلما ذهب هون من الليل أقبل على صورة الفيل فلما انتهى إلى الباب دخل من خلل الباب على غير صورته فدنا من التمر فجعل يلتقمه فشددت على ثيابي فتوسطته فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله يا عدو الله، وثبتَ إلى تمر الصدقة فأخذتَه وكانوا أحق به منك لأرفعنّك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفضحك فعاهدَني أن لا يعود فغدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما فعل أسيرك ؟ فقلت عاهدني أن لا يعود قال إنه عائد فارصده فرصدته الليلة الثانية فصنع مثل ذلك وصنعت مثل ذلك وعاهدني على ألا يعود فخليت سبيله ثم غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأخبره فإذا مناديه ينادي أين معاذ فقال لي يا معاذ ما فعل أسيرك ؟ فأخبرته فقال لي إنه عائد فارصده فرصدته الليلة الثالثة فصنع مثل ذلك وصنعت مثل ذلك فقلت يا عدو الله عاهدتني مرتين وهذه الثالثة لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفضحك فقال إني شيطان ذو عيال وما أتيتك إلا من نصيبين ولو أصبت شيئا دونه ما أتيتك ولقد كنا في مدينتكم هذه حتى بعث صاحبكم فلما نزلت عليه آيتان أنفرتنا منها فوقعنا بنصيبين ولا يقرآن في بيت إلا لم يلج فيه الشيطان ثلاثا فإن خليت سبيلي علمتكهما قلت نعم قال آية الكرسي وخاتمة سورة البقرة (آمن الرسول ) إلى آخرها فخليت سبيله ثم غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأخبره فإذا مناديه ينادي أين معاذ بن جبل فلما دخلت عليه قال لي ما فعل أسيرك ؟ قلت عاهدني أن لا يعود وأخبرته بما قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق الخبيث وهو كذوب قال فكنت أقرؤهما عليه بعد ذلك فلا أجد فيه نقصانا .
|
كما في المعجم الكبير للطبراني ونصه [ رواه الطبراني عن شيخه يحي بن عثمان بن صالح وهو صدوق إن شاء الله كما قال الذهبي ، قال ابن أبي حاتم : وقد تكلموا فيه ، وبقية رجاله وثقوا 0 وعن مالك بن حمزة بن أبي أسيد عن أبيه عن جده أبي أسيد الساعدي الخزرجي وله بئر بالمدينة يقال لها بئر بضاعة وقد بصق فيها النبي صلى الله عليه وسلم فهي يبشَّر بها ويتيمن بها قال فلما قطع أبو أسيد تمر حائطه جعله في غرفة فكانت الغول تخالفه إلى مشرَّته فتسرق تمره وتفسده عليه فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تلك الغول يا أبا أسيد فاستمع عليها فقالت الغول يا أبا أسيد اعفني أن تكلفني أن أذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطيك موثقا من الله أن لا أخالفك إلى بيتك ولا أسرق تمرك وأدلك على آية تقرؤها في بيتك فلا تخالف إلى أهلك وتقرؤها على إناثك فلا تكشف غطاءه فأعطته الموثق الذي ضبى به منها فقالت الآية التي أدلك عليها هي آية الكرسي ثم حكت أسنانها تضرّط فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه القصة حيث ولت فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدقت وهي كذوب .
وتقبلوا أجمل وأطيب دعواتنا
ووقع مثل ذلك أيضا لأبى بن كعب رضى الله عنه
روى ابن حبان في صحيحه بسنده عن ابن أبى بن كعب أن أباه رضي الله عنه أخبره : * أنه كان له جرن من تمر فكان ينقص فحرسه ذات ليلة فإذا هو بدابة شبه الغلام المحتلم فسلم عليه فرد عليه السلام فقال ما أنت ؟ جنى أم إنسى؟ قال : جنى قال : فناولنى يدك ، فناوله يده فإذا يده يد كلب وشعره شعر كلب قال هذا خلق الجن قال قد علمت الجن أن ما فيهم رجل أشد منى ، قال فما جاء بك؟ قال بلغنا أنك تحب الصدقة ، فجئنا نصيبُ من طعامك قال فما ينجينا منكم ؟ قال هذه الآية التي في سورة (البقرة ) { الله لا إله إلا هو الحى القيوم } من قالها حين يمسى أجير منا حتى يصبح ومن قالها حين يصبح أجير منا حتى يمسى ، فلما أصبح أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال (صدق الخبيث ) وتقبلوا أجمل وأطيب دعواتنا
|
حالهم مع أبي هريرة رضي الله تعالى عنه
روى البخاري في صحيحه بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم (يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة). قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة، وعيالا فرحمته فخليت سبيله، قال: (أما إنه قد كذبك، وسيعود). فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنه سيعود). فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال، لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا أبا هريرة ما فعل أسيرك). قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته فخليت سبيله، قال: (أما إنه كذبك، وسيعود). فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات تزعم لا تعود، ثم تعود، قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت ما هو؟ قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي: الله لا إله إلا هو الحي القيوم . حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما فعل أسيرك البارحة). قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، قال: (ما هي). قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}. وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح – وكانوا أحرص شيء على الخير – فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة). قال: لا، قال: ( ذاك شيطان ) .
وتقبلوا أجمل وأطيب دعواتنا
بسم الله الرحمن الرحيم الشرح والتحليل من كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري لإبن حجر العسقلاني : وقد شرحه مرتين مرة في كتاب الوكالة ومرة ثانية في كتاب فضائل القرآن . الشرح الأول من كتاب الوكالة : ــ وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَاعَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ قَالَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَاهُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَأَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لَا أَعُودُ فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَاأَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِفَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهَذَا آخِرُثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ قَالَ دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ إِذَاأَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّاهُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ مَا هِيَ قُلْتُ قَالَ لِي إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَقَالَ لِي لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ وَكَانُواأَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَاإِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لَا قَالَ ذَاكَ شَيْطَانٌ الشرح: قوله: (باب إذا وكل رجلا فترك الوكيل شيئا فأجازه الموكل فهوجائز، وإن أقرضه إلى أجل مسمى جاز) . أورد فيه حديث أبي هريرة في حفظه زكاة رمضان، قال المهلب: مفهوم الترجمة أن الموكل إذا لم يجز ما فعله الوكيل مما لم يأذن له فيه فهو غير جائز،قال: وأما قوله ” وإن أقرضه إلى أجل مسمى جاز، أي إن أجازه الموكل أيضا، قالولا أعلم خلافا أن المؤتمن إذا أقرض شيئا من مال الوديعة وغيرها لم يجز له ذلك وكان رب المال بالخيار. قال: وأخذ ذلك من حديث الباب بطريق أن الطعام كان مجموعا للصدقة وكانوا يجمعونه قبل إخراجه، وإخراجه كان ليلة الفطر، فلما شكا السارق لأبي هريرةالحاجة تركه فكأنه أسلفه له إلى أجل وهو وقت الإخراج. وقال الكرماني: تؤخذ المناسبة من حيث أنه أمهله إلى أن رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. كذا قال. قوله: (وقال عثمان بن الهيثم) هكذا أورد البخاري هذا الحديث هنا ولم يصرح فيه بالتحديث، وزعم ابن العربي أنه منقطع، وأعاده كذلك في صفة إبليس وفي فضائل القرآن لكن باختصار، وقد وصله النسائي والإسماعيلي وأبو نعيم من طرق إلى عثمان المذكور، وذكرته في ” تعليق التعليق ” من طريق عبد العزيز ابن منيب وعبدالعزيز بن سلام وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني وهلال بن بشر الصواف ومحمد بن غالب الذي يقال له تمتام، وأقربهم لأن يكون البخاري أخذه عنه – إن كان ما سمعه من ابن الهيثم – هلال ابن بشر، فإنه من شيوخه أخرج عنه في ” جزء القراءة خلف الإمام ”وله طريق أخرى عند النسائي أخرجها من رواية أبي المتوكل الناجي عن أبي هريرة، ووقع مثل ذلك لمعاذ بن جبل أخرجه الطبراني وأبو بكر الروياني. قوله: (وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو) بإسكان الحاء المهملة بعدها مثلثة يقال حثا يحثو وحثى يحثى. وفي رواية أبي المتوكل عن أبي هريرة ” أنه كان على تمر الصدقة فوجد أثر كف كأنه قد أخذ منه”. ولابن الضريس من هذا الوجه ” فإذا التمر قد أخذ منه ملء كف”. قوله: (فأخذته) زاد في رواية أبي المتوكل ” أن أبا هريرةشكى ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم أولا فقال له إن أردت أن تأخذه فقل سبحان من سخرك لمحمد، قال فقلتها فإذا أنا به قائم بين يدي فأخذته”. قوله: (لأرفعنك) أي لأذهبن بك أشكوك، يقال رفعه إلى الحاكمإذا أحضره للشكوى. قوله: (إني محتاج وعلي عيال) أي نفقة عيال أو ” علي ”بمعنى لي. وفي رواية أبي المتوكل ” فقال إنما أخذته لأهل بيت فقراء من الجن” وفي رواية الإسماعيلي ” ولا أعود”. قوله: (ولي حاجة) في رواية الكشميهني ” وبي حاجة”. قوله: (فرصدته) أي رقبته. قوله: (فجعل) في رواية الكشميهني والمستملي ” فجاء ” في الموضعين. قوله: (قال دعني أعلمك) في رواية أبي المتوكل ” خلعني”. قوله: (ينفعك الله بها) في رواية أبي المتوكل ” إذا قلتهن لم يقربك ذكر ولا أنثى من الجن ” وفي رواية ابن الضريس من هذا الوجه ” لا يقربك من الجن ذكر ولا أنثى صغير ولا كبير”. قوله: (قلت ما هن) في رواية الكشميهني ” ما هو ” أي الكلام. وفي رواية أبي المتوكل ” قلت وما هؤلاء الكلمات”. قوله: (إذا أويت إلى فراشك) في رواية أبي المتوكل ” عند كل صباح ومساء”. قوله: (آية الكرسي (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) حتى تختم الآية) في رواية النسائي والإسماعيلي ” الله لاإله إلا هو الحي القيوم من أولها حتى تختمها ” وفي رواية ابن الضريس من طريق أبي المتوكل (الله لاإله إلا هو الحي القيوم) وفي حديث معاذ بن جبل من الزيادة ” وخاتمة سورة البقرة: آمن الرسول إلى آخرها ” وقال في أول الحديث ” ضم إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم تمر الصدقة فكنت أجد فيه كل يوم نقصانا فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: هو عمل الشيطان فأرصده، فرصدته فأقبل في صورة فيل،فلما انتهى إلى الباب دخل من خلل الباب في غير صورته فدنا من التمر فجعل يلتقمه،فشددت على ثيابي فتوسطته ” وفي رواية الروياني ” فأخذته فالتفت يدي على وسطه فقلت: يا عدو الله وثبت إلى تمر الصدقة فأخذته وكانوا أحق به منك، لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفضحك ” وفي رواية الروياني ” ما أدخلك بيتي تأكل التمر؟ قال أنا شيخ كبير فقير ذو عيال، وما أتيتك إلا من نصيبين، ولو أصبت شيئا دونه ما أتيتك، ولقد كنا في مدينتكم هذه حتى بعث صاحبكم فلما نزلت عليه آيتان تفرقنا منها، فإن خليت سبيلي علمتكهما. قلت نعم، قال: آية الكرسي وآخر سورة البقرة من قوله آمن الرسول إلى آخرها”. قوله: (لن يزال عليك) في رواية الكشميهني ” لم يزل ” ووقع عكس ذلك في فضائل القرآن، والأول هو الذي وقع في صفة إبليس وهو رواية النسائي،والإسماعيلي. قوله: (من الله حافظ) أي من عند الله أو من جهة أمر الله أومن بأس الله ونقمته. قوله: (ولا يقربك) بفتح الراء وضم الموحدة. قوله: (وكانوا) أي الصحابة (أحرص شيء على الخير) فيه التفات، إذ السياق يقتضي أن يقول: وكنا أحرص شيء على الخير، ويحتمل أن يكون هذاالكلام مدرجا من كلام بعض رواته، وعلى كل حال فهو مسوق للاعتذار عن تخلية سبيله بعدالمرة الثالثة حرصا على تعليم ما ينفع. قوله: (صدقك وهو كذوب) في حديث معاذ بن جبل ” صدق الخبيث وهو كذوب ” وفي رواية أبي المتوكل ” أو ما علمت أنه كذلك”. قوله: (مذ ثلاث) في رواية الكشميهني ” منذ ثلاث”. قوله: (ذاك شيطان) كذا للجميع أي شيطان من الشياطين، ووقع في فضائل القرآن ” ذاك الشيطان ” واللام فيه للعهد الذهبي، وقد وقع أيضا لأبي بن كعب عند النسائي وأبي أيوب الأنصاري عند الترمذي وأبي أسيد الأنصاري عند الطبراني وزيد بن ثابت عند ابن أبي الدنيا قصص في ذلك إلا أنه ليس فيها ما يشبه قصة أبي هريرة إلا قصة معاذ بن جبل التي ذكرتها، وهو محمول على التعدد، ففي حديث أبي بن كعب أنه ” كان له جرن فيه تمر وأنه كان يتعاهده، فوجده ينقص، فإذا هو بدابة شبه الغلام المحتلم، فقلت له أجني أم إنسي؟ قال بل جني ” وفيه أنه قال له ” بلغناأنك تحب الصدقة وأحببنا أن نصيب من طعامك، قال فما الذي يجبرنا منكم؟ قال هذهالآية آية الكرسي، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: صدق الخبيث ” وفي حديث أبي أيوب ” أنه كانت له سهوة – أي بفتح المهملة وسكون الهاء وهي الصفة – فيها تمر، وكانت الغول تجيء فتأخذ منه، فشكى ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إذا رأيتها فقل بسم الله أجيبي رسول الله، فأخذها فحلفت أن لا تعود، فذكرذلك ثلاثا فقالت إني ذاكرة لك شيئا آية الكرسي اقرأها في بيتك فلا يقربك شيطان ولاغيره ” الحديث، وفي حديث أبي أسيد الساعدي أنه لما قطع تمر حائطه جعلها في غرفة،وكانت الغول تخالفه فتسرق تمره وتفسده عليه فذكر نحو حديث أبي أيوب سواء وقال فيآخره ” وأدلك على آية تقرؤها في بيتك فلا يخالف إلى أهلك، وتقرؤها على إنائك فلايكشف غطاؤه وهي آية الكرسي، ثم حلت أستها فضرطت ” الحديث. وفي حديث زيد بن ثابت أنه ” خرج إلى حائطه فسمع جلبة فقال: ماهذا؟ قال: رجل من الجن، أصابتنا السنة، فأردت أن أصيب من ثماركم. قال له: فما الذي يعيذنا منكم؟ قال آية الكرسي”. قوله: (وهو كذوب) من التتميم البليغ الغاية في الحسن لأنه أثبت له الصدق فأوهم له صفة المدح، ثم استدرك ذلك بصفة المبالغة في الذم بقوله ”وهو كذوب ” وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم أن الشيطان قد يعلم ما ينتفع به المؤمن، وأن الحكمة قد يتلقاها الفاجر فلا ينتفع بها وتؤخذ عنه فينتفع بها، وأن الشخص قد يعلم الشيء ولا يعمل به وأن الكافر قد يصدق ببعض ما يصدق به المؤمن ولايكون بذلك مؤمنا، وبأن الكذاب قد يصدق، وبأن الشيطان من شأنه أن يكذب، وأنه قد يتصور ببعض الصور فتمكن رؤيته، وأن قوله تعالى (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) مخصوص بما إذا كان على صورته التي خلق عليها، وأن من أقيم في حفظ شيء سمى وكيلا، وأن الجن يأكلون من طعام الإنس، وأنهم يظهرون للإنس لكن بالشرط المذكور، وأنهم يتكلمون بكلام الإنس، وأنهم يسرقون ويخدعون، وفيه فضل آيةالكرسي وفضل آخر سورة البقرة، وأن الجن يصيبون من الطعام الذي لا يذكر اسم الله عليه. وفيه أن السارق لا يقطع في المجاعة، ويحتمل أن يكون القدر المسروق لم يبلغ النصاب ولذلك جاز للصحابي العفو عنه قبل تبليغه إلى الشارع. وفيه قبول العذر والستر على من يظن به الصدق. وفيه اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على المغيبات. ووقع في حديث معاذ بن جبل أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعلمه بذلك. الشرح الثاني من كتاب فضائل القرآن الكريم : ــ حديث أبي هريرة، تقدم شرحه في الوكالة، وقوله في آخره ” صدقك وهو كذوب ” هو من التتميم البليغ، لأنه لما أوهم مدحه بوصفه الصدق في قوله صدقك استدرك نفي الصدق عنه بصيغة مبالغة، والمعنى صدقك في هذا القول مع أن عادته الكذب المستمر، وهو كقولهم قد يصدق الكذوب، وقوله ”ذاك شيطان ” كذا للأكثر، وتقدم في الوكالة أنه وقع هنا ”ذاك الشيطان ” واللام فيه للجنس أو العهد الذهني من الوارد أن لكل آدمي شيطاناوكل به، أو اللام بدل من الضمير كأنه قال: ذاك شيطانك، أو المراد الشيطان المذكورفي الحديث الآخر حيث قال في الحديث ” ولا يقربك شيطان ” وشرحه الطيبي على هذافقال: هو – أي قوله فلا يقربك شيطان – مطلق شائع في جنسه ، والثاني فرد من أفراد ذلك الجنس. وقد استشكل الجمع بين هذه القصة وبين حديث أبي هريرة أيضا الماضي في الصلاة وفي التفسير وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال ” إن ” شيطانا تفلت على البارحة ” الحديث وفيه ” ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا بسارية ” وتقريرالإشكال أنه صلى الله عليه وسلم امتنع من إمساكه من أجل دعوة سليمان عليه السلام حيث قال (وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) قال الله تعالى (فسخرنا له الريح) ثم قال (والشياطين) وفي حديث الباب أن أبا هريرة أمسك الشيطان الذي رآه وأراد حمله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والجواب أنه يحتمل أن يكون المراد بالشيطان الذي هم النبي صلى الله عليه وسلم أن يوثقه هو رأس الشياطين الذي يلزم من التمكن منه التمكن منهم فيضاهي حينئذ ما حصل لسليمان عليه السلام من تسخير الشياطين فيما يريد والتوثق منهم، والمراد بالشيطان في حديث الباب إما شيطانه بخصوصه أو آخر في الجملة لأنه يلزم من تمكنه منه اتباع غيره من الشياطين في ذلك التمكن، أو الشيطان الذي هم النبي صلى الله عليه وسلم بربطه تبدى له في صفته التي خلق عليها، وكذلك كانوا في خدمة سليمان عليه السلام على هيئتهم، وأما الذي تبدي لأبي هريرة في حديث الباب فكان على هيئة الآدميين فلم يكن في إمساكه مضاهاة لملك سليمان، والعلم عند الله تعالى . وتقبلوا أجمل وأطيب دعواتنا
ووقع مثل ذلك لأبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه
|
ووقع مثل ذلك لأبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه روى الإمام الترمذى في السنن عن أبى أيوب الأنصارى رضى الله عنه أنه كانت له سهوة فيها تمر ، وكانت تجئ الغول فتأخذ منه ، فشكا ذلك إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : اذهب فإذا رأيتها فقل : باسم الله أجيبى رسول الله قال : فأخذها فحلفت أن لا تعود فأرسلها فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :ما فعل أسيرك ؟ قال : حلفتْ أن لا تعود قال : كذبتْ وهي معاودة للكذب قال : فأخذها مرة أخرى ، فحلفت أن لا تعود ، فأرسلها فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما فعل أسيرك ؟ قال : حلفت أن لا تعود ، فقال : كذبت وهى معاودة للكذب فأخذها فقال : ما أنا بتارككِ حتى أذهب بكِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إني ذاكرة لك شيئا ، آية الكرسي اقرأها في بيتك فلا يقربك شيطان ولا غيره فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما فعل أسيرك ؟ قال : فأخبره بما قالت ، قال : صدقت وهي كذوب . وتقبلوا أجمل وأطيب دعواتنا
|