عالم الجان ـ علومه ـ أخباره ـ أسراره ـ خفاياه

هل الجن الذين سخرهم الله لسيدنا سليمان كانوا من المؤمنين ..

هل الجن الذين سخرهم الله لسيدنا سليمان كانوا من المؤمنين أم من الكفرة العصاة

السؤال

هل الجن الذين سخرهم الله – عز وجل – لسيدنا سليمان عليه السلام – كانوا من المؤمنين أم من الكفرة العصاة ؟؟

أنا قرأت أنهم كانوا من العصاة بدليل قوله تعالى ( مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ )

وأن الله – عز وجل – لا يضع عباده المؤمنين من الجن في العذاب المهين .

فهل كانوا عصاة ؟

الجواب :

أولاً : العصاة يُطلقون – غالباً – في مقابل الـتّـقـاة، والكفار يُطلقون في مقابل المؤمنين

ثانياً : الجن اسم جنس يشمل المؤمنين ، ويشمل الكفار، وكفار الجن يُطلق عليهم الشياطين، قال سبحانه : ( وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ ) الآية .

وقال سبحانه وتعالى : ( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ )
وقال جل جلاله : ( إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ )

والآيات في هذا كثيرة ، وفيها دليل على أن اسم الشياطين يُطلق على كفرة الجن، ومن خلال الآيات تتبيّن الإجابة عن سؤالك، قال تبارك وتعالى عن تسخير الجن لسليمان عليه الصلاة والسلام : ( وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ )

ثم المتأمل في دعوة نبي الله سليمان حينما قال : ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ )

فاستجاب الله دعائه فقال سبحانه : ( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ )

وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة ثم قال : إن الشيطان عرض لي فشدّ عليّ ليقطع الصلاة علي ، فأمكنني الله منه ، فَذَعَتـّـهُ ، ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه ، فذكرت قول سليمان عليه السلام : رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ، فرده الله خاسيا .
[ ذعته : خنقته ]

وفي رواية : إن عفريتاً من الجن .

فالتعبير هنا بتسخير الشياطين يدل على أن المُسخّرين هم كفرة الجن .والتعبير في الآية الأخرى بـ ( الجن ) يدل على أن الجميع قد سُخّروا له، قال سبحانه : ( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ )

وقوله : ( وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ) فَدَلّ هذا على أن الجن ( مؤمنهم وكافرهم ) قد سُخِّروا لنبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام . وأن الوعيد بالعذاب واقع على من يزغ عن أمر ربِّه ، ويخرج عن طاعة نبيّه .

وأما قوله تعالى : ( فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ )

فالتعبير هنا بـ ( الجن ) يشمل مؤمنهم وكافرهم . والمقصود بالعذاب المهين هو العذاب المُذِلّ في العمل الشاق، وقد لبثوا سنة كاملة في ذلك العمل الشاق ، كما قال أهل التفسير .

والله أعلى وأعلم .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى